أخرج مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير عذر (من مطر ولا سفر) بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، وسأَلَ التابعون ابن عباس فقالوا: ولمَ فعل هذا؟ قال: لكي لا يجعل على أمته من حرج.
وهذا الحديث الصحيح يُجيز لصاحب الحاجة أن يجمع بين هذين الفرضين بهذه الصفة؛ فيصلي الفجر وحده، ثم يجمع بين الظهر والعصر، ثم يجمع بين المغرب والعشاء؛ وذلك لرفع الحرج والمشقة والكُلفة التي هو فيها.
ويُمكن لهذه الجدة المباركة حيث تريد أن تحافظ على صلاتها -التي ركن من أركان الدين والتي هي رأس الأمر وذروة سنامه- أن تتخذ من الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء طريقة تستطيع بها أن تحافظ على صلاتها، وعلى الاستمرار فيها، ويمكن أيضا لمن صَعُب عليه الوضوء؛ إما أن يكون ذلك لتعذُر في الحركة، أو لغير ذلك من الأعذار المرضية أو الشيخوخة؛ فأنه يمكن له أيضا أن يتيمم.
فالتيمم لمن فقد الماء حسا أو شرعا؛ حسا: بأن لم يجد الماء أصلا، الماء مُنقطع أو هو بعيد عن الماء، أو شرعا: بأن وجد الماء لكنه لا يستطيع أن يتصرف فيه، فقد فقده شرعا، هو لم يفقده حسا هو موجود أمامه، ولكن الشرع يتيح له التيمم عند فقده بهذه الصورة، مريض لا يستطيع الوصول إلى الماء، أو معي ماء قليل وهذا الماء القليل سأشرب منه أو يشرب منه حيوان محترم.. فكل ذلك يُجيز لنا التيمم ولو عشرات السنين، فما بالكم لو كان الأمر طارئا في حياتنا.
إذن فيُمكن التيمم.. وصفة التيمم: أن تأتي بحجر أو بزلطة وتضرب عليها لوجهها، وتضرب عليها لكفيها، كما هو في مذهب المالكية وتصلي، ولكن تتيمم لكل صلاة، من غير انتقال إلى مكان الوضوء، ولا ممارسة الوضوء الذي قد يكون خطيرا في بعض الأحيان وفي كبر السن قد يكون الضوء خطيرا في هذا المقام.
إذن فيجوز لها الجمع، ويجوز لها أيضا التيمم، ويجوز لها أيضا التراوح بينهما؛ بحيث إنها إذا كانت أمام الماء ولم تكن هناك مشقة تتوضأ، وعند الحاجة التي يبعد معها الماء تتيمم.