[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] صورة للشمس ليوم الاثنين 12 آذار/مارس في الساعة 05:46 بتوقيت غرينتش باستخدام الأمواج فوق البنفسجية القصوى، وتظهر في الصورة المناطق النشطة على الشمس.
كثر الحديث مؤخرا في مختلف وسائل الإعلام عن الانفجارات الشمسية الحاصلة حاليا ومدى تأثر الأرض بها، فما حقيقة هذه الانفجارات وما مدى تأثرنا بها على الأرض، وأيضا أين الحقيقة من المبالغة في هذا الموضوع.
إن لنشاط الشمس دورة شبه منتظمة تبلغ فيها الشمس ذروتها كل 11 سنة، وذروة الدورة الحالية متوقعة أن تكون عام 2013، وحيث أننا نقترب الآن من الذروة فمن الطبيعي أن نشهد ازدياد في نشاط الشمس، وهذا شيء طبيعي يحدث للشمس منذ أن خلقها الله، إلا أن اعتمادنا المتزايد على التكنولوجيا مؤخرا جعل من هذا الأمر الطبيعي المتكرر أمرا أكثر حساسية وأهمية. فما حدث في الأيام الماضية لم يكن انفجارا واحدا، بل حدث خلال الأسبوع الماضي تقريبا حوالي أربعة انفجارات كبيرة على الشمس، والذي يجعل الموضوع غير واضح أن الانفجار الواحد ينتج في الغالب ثلاثة أشياء أو نواتج، وكل واحد يصل إلى الأرض في وقت مختلف وله تأثير مختلف عن الآخر.
فعندما يحدث انفجار على الشمس، فإن أول ما يصل إلى الأرض هو ازدياد في الطيف الكهرومغناطيسي للشمس، والطيف الكهرومغناطيسي يشمل الأشعة الراديوية وتحت الحمراء و المرئية وفوق البنفسجية وأشعة إكس وأشعة جاما. والأخطر منها هي أشعة إكس وهي تلك المستعملة في المستشفيات للحصول على صور الأشعة. وكما ذكرنا فإن هذه الأشعة تصل إلى الأرض فور علمنا بحدوث انفجار، وينحصر تأثير هذه الأشعة الزائدة بحدوت تشويش على الاتصالات الراديوية في بعض النطاقات المستخدمة في الملاحة، فعندها إن كانت العاصفة شديدة قد تفقد الطائرات والبواخر التي تستخدم هذه الأمواج (وهي قليلة) الاتصال لمدة قد تصل إلى بعض الساعات.
وهذا الانفجار الحاصل على الشمس، يؤدي إلى تسريع جسيمات (برتونات وإلكترونات) بحيث تصبح ذات طاقة عالية جدا، وهي تصل إلى الأرض بعد حوالي ساعة إلى ساعتين من الانفجار، وهذا هو الناتج الثاني من الانفجار، ويتلخص خطرها بشكل رئيس على الأقمار الصناعية، فاصطدام هذه الجسيمات بالأقمار الصناعية قد يعطلها مؤقتا أو بشكل دائم، ويستمر هذا التدفق من الجسيمات المشحونة ذات الطاقة العالية لعدة ساعات. كما أن هذه الجسيمات تشكل خطرا صحيا على رواد الفضاء والمسافرين في الطائرات في المناطق الشمالية القريبة من القطب، إلا أن شركات الطيران تراقب ذلك، وتبعد طائراتها عن تلك المنطقة أثناء هذه العاصفة.
أما بعد حوالي يوم أو يومين من الانفجار يصلنا الناتج الثالث من الانفجار، وهو عبارة عن مادة الشمس نفسها، بحيث تقذف الشمس كمية هائلة من مادتها وهي عبارة عن غاز مؤين ويحتوي على مجالات مغناطيسية، وعندما تصطدم هذه الكتلة بالأرض فإنها تسبب اضطرابا في المجال المغناطيسي الأرضي، وبالتالي تتأثر البوصلة بذلك، وتتسبب بتكون تيارات كهربائية في خطوط الضغط العالي لشبكات الكهرباء، مما قد يزيد الحمل الكهربائي على الشبكة وتؤدي إلى انقطاع التيار بل وحتى قد يحترق المحول الرئيس للشبكة، ويظهر وقتئذ الشفق القطبي. إلا أن هذه المخاطر الرئيسة محصورة في المناطق القريبة من الأقطاب، مثل شمال أوروبا وشمال آسيا وشمال أمريكا، أما نحن في المنطقة العربية فإننا في مأمن من هذه التأثيرات بسبب الغلاف المغناطيسي الأرضي.
فالغلاف الجوي الأرضي يحمينا من الناتج الأول والغلاف المغناطيسي يحمينا من الناتج الثالث، والغلافين الجوي والمغناطيسي يشتركان في حمايتنا من الناتج الثاني. وتنحصر المناطق المتأثرة في المناطق الواقعة بالقرب من الأقطاب، وتقترب منا كلما كان الانفجار أكبر، إلا أنها تبقى بعيدا عن المنطقة العربية. ويبقى الاحتمال الوحيد لتأثرنا في المنطقة العربية هو أن تتسبب العاصفة بتلف إحدى الأقمار الصناعية الهامة، إضافة إلى تشويشها على أقمار الملاحة الـ GPS.
كذلك فإنه لا علاقة بين هذه الانفجارات ودرجة الحرارة على سطح الأرض، فهذه الانفجارات لا تؤدي إلى ازدياد في درجة الحرارة على سطح الأرض. وخلال الأسبوع الماضي شهدت الشمس عدة انفجارات، فبينما كنا نتأثر بالناتج الأول والثاني من انفجار جديد كنا ما زلنا تحت تأثير الناتج الثالث من الانفجار القديم. وآخر انفجار كبير حصل للشمس كان يوم السبت 10 آذار/مارس في الساعة 17:44 بتوقيت غرينتش، ولقد انتهى تأثير الناتج الأول والثاني من هذا الانفجار، ومن المتوقع أن يصل الناتج الثالث لهذا الانفجار يوم الثلاثاء 13 آذار/مارس مسببا اضطرابا في المجال المغناطيسي الأرضي وتأثيرات على بعض شبكات الكهرباء إضافة لبعض التأثيرات على الأقمار الصناعية، والتأثير على أقمار الملاحة الـ GPS وظهور الشفق القطبي في المناطق الشمالية، إضافة لبعض الاضطرابات على اتصالات الراديو ذات التردد العالي.